من فنون المرأة الفلسطينية. لا نعرف متى بدأ التطريز في فلسطين، لكن من الواضح بأن مصادره قد تم استقائها من حضارات مختلفة مرت على أرض فلسطين، ويمكن لنا الاعتقاد بأن المرأة في فلسطين كانت منذ قرون طويلة بتزيين ملابسها باستعمال الخيط والابرة، لكن مصادر زخرفتها فقد استمدتها من الطبيعة خاصة النباتات، كما استمدتها من المخزون الحضاري العريق لفلسطين.
ولكن بسبب سرعة ضياع المنسوجات لم تصلنا قطع مطرزة قديمة، وغالبية ما بين أيدينا من الأثواب النسائية المطرزة لا تعود إلى أكثر من 200 سنة، وهذا لا يعني تاريخا لظهورها، فمثل هذه الحرف تمر عبر قرون من التطور. وقد يكون من المفيد ذكر بأن النصف الثاني من القرن التاسع عشر قد فتح آفاقا جديدة لفن التطريز في فلسطين، حيث تم استيراد الخيطان المصنوعة في أوروبا، وهي دقيقة بحيث مكنت المرأة الفلسطينية من تطوير التطريز، وقد يكون هذا الانفتاح قد أحضر معه أيضا موتيفات جديدة خاصة الطيور، وبهذا استطاع التطريز في فلسطين مع مطلع القرن العشرين التشبيك بالعديد من الثقافات التي تستعمل التطريز خاصة اليونان ودول شرق أوروبا.ومن المثير القول أن لكل منطقة في فلسطين تطريزها الخاص، والذي يشترك مع باقي القرى بالتقنيات والمواد المستخدمة، لكنه يختلف بشكل الثوب وفي الموتيفات المستخدمة في زخرفته، وتركيزات الزخرفة، علاوة على الاختلاف بالألوان، بحيث أصبح لكل قرية تقريبا هويتها التطريزية المميزة.
استعملت في تكوين الرقع المطرزة أشكال هندسية ونباتية بأعداد لا يمكن حصرها، كمية كبيرة من الوريقات والسنابل والزهور والأغصان وسعف النخل والرمان والعنب والسرو والأرز والزيتون والبرتقال، كما استخدمت الأشكال الهندسية بأنواعها من مثلث ومربع ومسدس ومثمن ومعين ومتعدد الأضلاع، إلى جانب الخطوط المستقيمة او المائلة او المتعرجة او المتشابكة او المسننة. لقد شكلت كل رقعة تطريز لوحة متعددة الألوان، تعكس إلى حد بعيد الطبيعة التي طرزت فيها. وتحولت هذه القطع إلى لوحات فنية انتجت بذوق رفيع وانسجام كبير بين الشكل واللون.لم تقتصر المطرزات على الملابس النسوية، بل استخدمت أيضا لتزين الوسائد والشراشف (للأسرة والطاولات)، كما شغلت منها لوحات علقت على الجدران، او كأطر للمرايا.
اليوم أصبح التطريز جزءا لا يتجزأ من الهوية الفلسطينية، بحيث اشتهرت به. يقوم عدد كبير من الجمعيات التعاونية او النسوية بإنتاج المطرزات المختلفة وتعرض في الأسواق للبيع، وتشكل أحد المداخيل للمرأة الفلسطينية، حيث أن الطلب عليها بتزايد مستمر، ويمكن مشاهدة هذه المطرزات في أسواق القدس المختلفة، وهي سلعة تعبر عن فلسطين بشكل عام وعن المرأة الفلسطينية بشكل خاص.