يشكل المتحف الإسلامي الزاوية الجنوبية الغربية للمسجد الاقصى المبارك، وهو الى الغرب من الجامع الاقصى على بعد عشرات الامتار، فالوصول اليه سهل مثل بقية مواقع هذا المسار. يخضع المتحف الى عملية تحديث واعادة تنظيم معروضاته، لذا فان الزيارة محدودة، لكن يؤمل الانتهاء من المشروع قريبا. وساعات زيارة المتحف مرتبطة للوافدين من السواح والزوار بساعات زيارة المسجد الاقصى، وهناك رسم للزيارة يكون عادة من ضمن رسم دخول مبنى قبة الصخرة والجامع الاقصى، وفي الاغلب تعفى مجموعات طلاب المدارس المحلية من الرسوم.

 

خصوصية وندرة مجموعة المتحف

أنشئ المتحف الإسلامي في سنة 1922 بقرار من المجلس الإسلامي الأعلى، وهو بذلك يعتبر من أول المتاحف التي أنشئت في القدس. ويتميز المتحف الاسلامي بانه  يحوي مجموعة من الكنوز الفنية التي قدمت كهدية للمتحف أو تلك التي نقلت من المسجد الاقصى وعمائره بعد إجراء الترميمات رغبة في حفظ هذه التحف في مكان مناسب لتعرض على جمهور أوسع من الزوار والسائحين. لذا فان اغلب تحف المتحف لها علاقة مباشرة بتراث المسجد الاقصى والقدس وفلسطين. وعليه فقطع المتحف نادرة فالمصاحف القيمة مثلا كانت الى فترة قريبة موضوعة في ايدي القراء والمعتكفين بالمسجد للقراءة فيها، والحشوات الخشبية كانت تزين سقف الجامع الاقصى والبلاطات الخزفية كانت تغشي جدران قبة الصخرة المشرفة.

 

مبنى المتحف

بناء المتحف تاريخي يتكون من قاعتين رئيسيتين: الأولى مملوكية  كانت مسجدا لاتباع المذهب المالكي وهي طولية تمتد من الشمال للجنوب 9X54 م.، وقد اسس هذه القاعة الشيخ عمر بن عبد النبي المغربي المصمودي في سنة 707هـ/1303م، وتم ترميم مدخل هذه القاعة في اواخر العهد العثماني في عام 1288/1871.  والثانية تمتد من الغرب للشرق بمساحة تمتد 17 35 X م، وهذه جزء من قاعة تمتد الى حوالي 70 م استخدمت مسجدا للنساء وتم بناؤها في الفترة الفاطيمة ولاحقا تم اعادة تأهليها في فترة الفرنجة لتخدم اغراضهم العسكرية. 

مجموعات المتحف

يضم المتحف الاسلامي نماذج نادرة من التحف الفنية الاسلامية تغطي فترة زمنية تقرب من عشرة قرون، فيوجد فيه تحف من اجزاء مختلفة من العالم الاسلامي تشمل شمال افريقية، و مصر والشام، وتركيا وايران وشرق اسيا. وفي المتحف مجموعة من الأخشاب الأموية وبقايا من منبر نور الدين الذي احرق في 21/8/ 1969 وكنز من الوثائق المملوكية النادرة التي لا مثيل لها في المتاحف الاخرى، بالإضافة إلى مجموعة من قطع المعادن والرخام والبلاطات الخزفية، ولوحات من الكتابات التأسيسية كتبت بخطوط منوعة أشهرها الخط الكوفي والنسخي وخط الثلث.

 

المصاحف

يحوي المتحف مجموعة نادرة من المصاحف الاسلامية المخطوطة والمجلدة تجليدا فاخرا والمذهبة والتي تعود الى فترات اسلامية مختلفة، وقد كتبت بخطوط منوعة منها الخط الكوفي والمغربي والنسخي والثلث والخط الفارسي، واغلبها ربعات  اهديت الى الجامع الاقصى وقبة الصخرة وأوقفت على قراءة القران الكريم من قبل القراء المختصين، اشهرها ربعة ملك المغرب، وربعة السلطان سليمان القانوني، وربعة السلطان العثماني بايزيد، ومصحف السلطان المملوكي برسباي الضخم الحجم، والمصحف الكوفي المنسوب الى الحسن بن الحسين ابن علي بن ابي طالب والمؤرخ للقرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي.

 

الحشوات الخشبية

من ضمن مقتنيات المتحف حوالي 300 تحفة خشبية من عدة فترات اسلامية، ابدعها حشوات خشبية اموية كانت تغطي سقف الجامع الاقصى، الرواق الاوسط منه، وقد ازيلت اثناء ترميمات سنة 1940م. زينت هذه الحشوات بزخارف هندسية ونباتية بالحفر الغائر. وهناك اخشاب فاطمية مكتوب عليها بالخط الكوفي، ومجموعة روابط واضلاع كانت حاملة وداعمة لقبة الصخرة واروقة الجامع الاقصى، علاوة على زخارف من الجامات والفصوص العثمانية التي كانت تزين السطح الخشبي لقبة الصخرة. ومن المجموعات الخشبية بعض قطع من منبر نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي، والمعروف ان هذا المنبر كان تحفة خشبية نادرة تحوي مجموعة قيم واصالة فنية، وصنع من خشب الارز وطُعّم بالعاج والصدف ويخلو من الصمغ او المسامير، ويعتمد اسلوب التعشيق، وكان قد صنعه نور الدين في حلب قبل تحرير القدس بحوالي 20 عاما، وقد احرق حينما تعرض الجامع الاقصى الى حريق متعمد مشؤوم من قبل مايكل دينس روهان في 21/8/1969.

 

كنز الوثائق المملوكية

تضم مقتنيات المتحف الاسلامي مجموعة وثائق مملوكية تعود الى اوائل القرن الرابع عشر، يبلغ عددها حوالي الف وثيقة بحالة جيدة، جلها كتب باللغة العربية وقلة لا تزيد عن ثلاثين وثيقة كتبت باللغة الفارسية. وتعرض الوثائق التاريخ الاجتماعي لسكان القدس من زواج وطلاق وميراث وبيع وشراء، وقصص والتماسات، وقرمانات سلطانية، وتكتسب هذه الوثائق اهمية نادرة كون معلوماتها لا ترد في كتب التاريخ العام التي تركز غالبا على الاحداث والتاريخ السياسي والحكام والامراء، فهي مرآة تعكس احوال الناس اليومية في العصر المملوكي.

 

رخاميات المتحف

يحوي المتحف الاسلامي مجموعة من اللوحات الرخامية والحجرية تعود الى فترات زمنية مختلفة وقد كتبت بعدة خطوط تؤرخ لمجموعة من شواهد القبور والمباني المعمارية، اغلبها من مدينة القدس وبعضها من مدن فلسطينية اخرى، وهناك مجموعة كبيرة من تيجان الاعمدة التي حفرت حفراً بارزا وتحوى زخارف نباتية محورة منها ورقة الاكانتوس والنخيل، وناسبت هذه الزخارف توجهات الفن الاسلامي العامة في تجنب الرسوم الادمية والحيوانية في الاماكن الدينية، وهذه التيجان استخدمت للاعمدة الحاملة للعقود والاروقة داخل مباني المسجد الاقصى المبارك خاصة الجامع الاقصى، وهي جزء من ترميمات الرواق الشرقي الذي حدث في اربعينات القرن الماضي.

مشكاة تنكز

تعتبر مجموعة المتحف الاسلامي من الزجاج مجموعة متواضعة، وتعود الى الفترة البيزنطية والاسلامية، وهي عبارة عن قوارير باشكال متنوعة، منها المدامع والقناديل والمكاحل والصحون. ويضم المتحف مشكاة زجاجية ملونة، تعتبر من أهم التحف الزجاجية التي  يمتلكها المتحف الإسلامي برسم الأمير تنكز كافل الممالك الشامية سنة 729/1328. وهناك كتابة قرآنية باللون الأزرق بالخط الثلث المملوكي على أرضية مذهبة مزينة بزخرفة نباتية عروقها بيضاء وأوراقها باللون الأخضر والأحمر.  ونصها هو:  «إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر». ويتخلل هذه الكتابة ثلاث دوائر بداخل كل دائرة كاس (رنك) مرسومة بالذهب على قاعدة حمراء، والكاس هو شعار تنكز الناصري ودليل على انه تولى منصب الساقي للسلطان.  

 

مجموعة القاشاني

من اهم و اغنى مجموعات المتحف الاسلامي، القاشاني، واغلبه محفوظ في المخازن، وقلة من النماذج معروضة في المتحف، منها البلاطات التي تحمل سورة يسن. واغلب هذا القاشاني رفع من الجدارن الخارجية لقبة الضخرة اثناء ترميمات سنة 1964، ومن الطريف ان بعض اسماء الصناع المهرة قد دونت على هذا الخزف، منها» عمل الحاج نعمت الله خوقندي 1233هـ،  و«لا اله الا الله ... حرره العبد الضعيف محمد درويش 1233هـ.  وهناك مجموعة من الجرار الفخارية كبيرة الحجم كانت تستخدم لحفظ وخزن السوائل خاصة الزيت والماء، وهناك مجموعة اسرجة زيتية وبعض الصحون والاكواب الفخارية.

 

التحف المعدنية

في المتحف الاسلامي مجموعة قيمة من التحف المعدنية التي صنعت من الحديد وبعضها من النحاس المطعم بالفضة والذهب، ومن ذلك السياج الحديدي الذي كان يحيط في الصخرة ايام الفرنجة، حيث وضع ليمنع المتطفلين والحجاج من قطع قطع صغيرة من الصخرة واخذها معهم كتذكار حين العودة الى ديارهم، وهذا السياج صناعة يدوية متقنة يرجح انه صنع في احدى مدن جنوب فرنسا. وهناك مجموعة من الشمعدنات والمباخر، ومن اشهرها شمعدان ناصر الدين قطب الاسلام والمسلمين ارتق ارسلان بن ايل غازي، ومبخرة كانت مهداة للحرم الابراهيمي في الخليل من قبل السلطان ابو سعيد برقوق.  ويوجد مجموعة من الدسوت الكبيرة التي كانت في تكية خاصكي سلطان أي العمارة العامرة ، يبلغ قطر بعضها 135 سم وارتفاعه 84 سم، ويلحق بالدسوت مجموعة مغارف طول الواحد منها متر. وهناك تحف اخرى متفرقة من النسيج والقماش بعضها من كسوة الكعبة، وقطع منوعة من السلاح والنقود الاسلامية.

المتحف الاسلامي