السبيل التالي هو سبيل قاسم باشا، حيث يقع على محور سبيل قايتباي، وهو مجاور له، حيث يفصل بينهما بركة مع نافورة مميزة في المسجد الاقصى المبارك تعرف ببركة النارانج، اي انه يبعد حوالي عشرة امتار الى الجنوب من سبيل قايتباي.
ميزة السبيل
يمتاز سبيل قاسم باشا، بانه فريد في تصميمه، حيث يختلف عن بقية اسبلة القدس والمسجد الاقصى المبارك، وهو اول اثر بني في العهد العثماني في المسجد الاقصى المبارك، وهو بهذا قد سبق زمنيا مشاريع السلطان سليمان القانوني المشهورة وهي: عمارة المسجد الاقصى المبارك، ومشروع الاسبلة وقناة السبيل، ومشروع بناء السور.
وصف السبيل ومصدر مياه
عرف السبيل باكثر من اسم، منها سبيل باب المحكمة وبركة غانغج «النارانج». ولهذه المنشـأة المائية مسقط مثمن التخطيط، يضم حوضا مغلقاً مثمن الجدران، تعلوه قبة نصف كروية مدببة. واسس مبنى السبيل فوق قاعدة حجرية مثمنة تنخفض بمقدار متر عن مستوى ارضية المسجد الاقصى المبارك. وهذا الانخفاض له علاقة بطريقة تزويد المنشأة بالماء، وبطريقة عمل السبيل. وكان السبيل وحتى أواخر العقد الرابع من القرن العشرين يتزود بالمياه عن طريق قناة السبيل القادمة من برك سليمان حيث يملأ خزان السبيل بالمياه ومن خلال الفتحات التي كانت في الالواح الرخامية كان الماء ينساب على ايدى الشاربين والمتوضئين. ولا يزال السبيل يعمل حتى اليوم لكن مياهه مرتبطة بشبكة مياه المسجد الاقصى عبر انابيب حديثة، ينساب منها الماء مباشرة دون الحاجة الى حفظها في خزان السبيل.
تخطيط السبيل
تنبع اهمية السبيل من تخطيط فريد لا نجد له صدى في المنشأت المائية في القدس، وهو يشبه الى حد ما المياضئ العثمانية التي بنيت في ساحات المساجد المكشوفة. ومع وجود بعض الخصوصية، فان ميضاة مسجد الجزار في عكا تشبه الى حد ما تصميم هذا السبيل من حيث تعدد الاضلاع، وخزان المياه. وورد وصف لهذا السبيل من قبل النابلسي الذي زار المسجد الاقصى في عام 1101-1105/1690-1693 حيث يقول: «وبالقرب منها ( أي من بركة النارانج) قبة صغيرة حولها انابيب يجري فيها الماء لمن اراد الطهارة يفتل صنابيرها فتمسك الماء وترسله».
المؤسس وتاريخ البناء
اما تاريخ بناء السبيل واسم بانيه فقد وثق في لوحة كتابية تأسيسية. وتكتسب هذه اللوحة اهمية كبيرة كونها تؤرخ ليس فقط لأول مبنى عثماني اقيم في المسجد الاقصى بل ايضا لاول مبنى عثماني اسس في مدينة القدس. ذلك ان الاعمال والمشاريع العثمانية السابقة على تاريخ هذا السبيل انحصرت في ترمميم القلعة وتأهيلها لاقامة الحامية الانكشارية العثمانية، وفي تحويل قاعة العشاء الاخير لتصبح مسجداً في ما يعرف اليوم بمقام النبي داود - عليه السلام.
وأما نص اللوحة فهو:
(1) انشا هذا السبيل المبارك ابتغاء لوجه الله تعالى وطلبا لمرضاته في ايام مولانا السلطان الاعظم.
(2) ثاني سليمان في ملك العالم السلطان سليمان ابن السلطان سليم خان امير امراء العرب والعجم مولانا قاسم باشا يسر له الله ما يشاء.
(3) على يد العبد الفقير الى الله عبد ربه مصطفى في العشر الآخر من شعبان المعظم سنة 933.