المصلى المرواني

المصلى المرواني

المصلى المرواني

للوصول الى المصلى المرواني، ينزل بحذر من على درجات القنطرة الشرقية، ويتجه مباشرة الى اليمين (الجنوب) في الطريق المبلط التي تنتهي عند المدخل الذي يقوم عند الزاوية الشمالية الغربية للمصلى المرواني. وهذا المدخل هو احد الممرات الثلاثة التي يتكون منها الباب الثلاثي المغلق الذي يوجد في الجدار الجنوبي للمسجد الاقصى المبارك، ما بين الباب المزدوج والباب المفرد. وهذا الباب هو المستطرق والمستخدم اليوم من قبل زوار ومصلي المصلى المرواني. وزيارة المصلى المرواني لغير المسلمين والعرب المحليين بحاجة الى تنسيق مسبق مع دائرة الاوقاف الاسلامية/ مديرية السياحة والآثار.

 

المقصود بالمصلى المرواني

المصلى المرواني بناء معماري ضخم، جداراه الشرقي والجنوبي يشكلان الاجزاء السفلية لجداري المسجد الاقصى المبارك ولسور القدس في نفس الوقت، وعليه فهو يكّون حدود المسجد الاقصى المبارك، وهو بناء مكون من مجموعة من الاروقة الممتدة من الشمال للجنوب، وتقوم هذه الاروقة على مجموعة من العقود نصف دائرية والتي تستند بدورها على مجموعة كبيرة من الدعائم المبنية بحجارة ضخمة، واسفل هذه الدعامات يوجد حلقات حجرية مفرغة، قيل فيها انها لربط الخيول، التي على الارجح استخدمها الفرنجة  اسطبلا للخيل حينما اقاموا في جزء من الجامع الاقصى واقسام اخرى من المسجد الاقصى -حاليا- تقوم مكان المتحف الاسلامي وجامع النساء.

 

الوظيفة الاصلية للمصلى

والمصلى المرواني بتكوينه الحالي هو في الواقع تسوية كبيرة هدف منه جسر الانحدار الطبيعي القائم في منطقة المسجد الاقصى المبارك وكان هذا الأمر مطلوبا لتسهيل بناء الجامع الأقصى المبارك على يد عبد الملك ابن مروان، حيث ان مساحة الجامع الأقصى كانت حينما اسس في عام 72/691 كان ضعف المساحة الحالية، حيث كان يتكون من خمسة عشر رواقا بدلا من سبعة اروقة كما هو اليوم. وقد اعاد استخدام كثير من الحجارة المتوفرة في الموقع، خاصة في الاساسات والمداميك السفلية، في حين ان المداميك العلوية والعقود والاقبية بنيت بحجارة صغيرة، وهذا ما يتفق وشهادة  المقدسي الجغرافي الذائع الصيت والذي يقول ان المسجد الاقصى اساساته قديمة وقد بنى عليه عبد الملك بحجار صغار حسان وشرفوه، اي جعلوا لها شُرُفات مسننة، وهي حلية معمارية تعلو قمة جدارن الابنية.

 

التسمية تفسيرها واصولها

المصلى المرواني هي تسمية حديثة اطلقت على هذه المنطقة التي كانت تعرف باسم الاسطبل او على وجه التحديد اسطبلات سليمان. والتسمية تشير إلى مروان بن الحكم الخليفة الاموي، ووالد كل من الخلفاء عبد الملك بن مروان، والوليد، وسليمان وهشام، وهم الذين اسهموا اسهاما كبيرا في تطور منطقة الحرم الشريف معماريا وفنيا، وكذلك كانت لهم اسهامات جليلة في انحاء مختلفة في فلسطين، وعليه فان اطلاق هذا الاسم هو من باب الوفاء لوالد هؤلاء الخلفاء الذين كانت لهم ايدي بيضاء في تطور المسجد الاقصى المبارك. ويبدو ان هذه التسمية الموفقة والتي لها سند تاريخي اطلقت كردة فعل للتسمية الخاطئة والتي كانت متداولة وتعرف باسم الاسطبل او اسطبلات سليمان. وقد تم تداول هذه التسمية «اي المصلى المرواني»  بكثرة واكتسبت شرعية وقبولاً وانتشاراً بعد ان تم تأهيل منطقة المصلى المرواني من قبل دائرة الاوقاف الاسلامية ولجنة اعمار المسجد الاقصى المبارك وبدعم مشكور وكبير من قبل مجموعات كبيرة من العرب المسلمين المتطوعين من كافة انحاء فلسطين وعلى وجه الخصوص من بلدة ام النور وذلك في عام 1992 وما بعده.

 

تعليل التسمية القديمة

واما التسمية القديمة للمكان والمقصود فيها اسطبلات سليمان،  والتي وردت في ثنايا من المصادر والمراجع الاسلامية، فلا يعرف على وجه الدقة سبب اطلاق هذه التسمية، خاصة وان النسيج المعماري للمصلى المرواني، لا يمت بصلة او اي علاقة مع النبي سليمان عليه السلام، وان تاريخ المبنى يعود الى العهد الاموي وعلى وجه الخصوص الى فترة الخليفة عبد الملك بن مروان. ويمكن تعليل تسمية المصلى المرواني باسطبلات سليمان الى امرين، الاول ينبع من التراث الشعبي والعقيدة الاسلامية، والثاني يمكن عزوه الى الفرنجة.

وبخصوص الامر الاول، فالمعروف، ان للنبي سليمان بن داوود، عليه السلام، مكانة عظيمة في العقيدة الاسلامية وفي القرآن الكريم مما ادى الى انعكاس ذلك على التراث الشعبي والفولكلور. فقد ذكر النبي سليمان في القرآن الكريم حوالي سبع عشرة مرة، وليس الامر هنا بعدد المرات بقدر ما هو بالمضمون والمكانة، فقد ورد في القران الكريم ان الله سبحانه وتعالى،  اعطى لسليمان الكتاب والحكمة، وعلمه منطق الطير، وسخر له الانس والجن وسيّر له الريح. وعليه فان اغلب الظن ان الرحالة والزوار المسلمين حينما كانوا يزورن اماكن دينية هامة، تتميز بنسيج معماري مؤثر، وفيها حجارة ضخمة وعقود كبيرة، واكتاف هائلة، كانوا من باب الاعجاب والانبهار والمبالغة،  يقولون ان هذا المبنى ليس من فعل او قدرة الانس، اي الانسان، بل انه من عمل الجان، وحيث ان من سخر له الجان وكان له عليهم سيطرة حسب المفهموم القراني هو النبي سليمان، لذا فقد نسبت مجموعة من  هذه المباني الى النبي سليمان، واصبحت صيغة «وهذا من البناء السليماني والله اعلم»، مصاحبة لكل مبنى فيه حجارة ضخمة. وحيث ان المصلى المرواني يتمتع بصفات معمارية  ملفتة للنظر وبححارة ضخمة فقد نسب الى سليمان دون تمحيص او تحليل معماري او تاريخي والذي لم يكن ممارسا في العصور الوسطى. فمن ذلك مثلا ما ذكره الرحالة ناصري خسرو حينما وصف الاقصى القديم: «... وقد استخدمت في بنائه حجارة لا يصدق عقل كيف استطاعت قوة البشر نقلها واستخدامها، وقيل لنا ان سليمان بن داود عليه السلام هو الذي بناه». وذكر مجير الدين حينما وصف المصلى المرواني ما نصه: «ولعله من البناء السليماني وهو الظاهر».

ومما ساعد على ترسيخ هذه التسمية هو ما تم تداوله في عهد الفرنجة اثناء احتلالهم للمسجد الاقصى المبارك، حيث انهم قاموا بتحويل الجزء الاوسط والشرقي من  الجامع الاقصى الى كنيسة وسموها معبد سليمان (Temple Solomons). وبما ان  مجموعة من الفرنجة المحاربين قد اقاموا وسكنوا في الجزء الغربي من الجامع الاقصى، وعرفوا باسم الداوية والاسبتارية، وبما ان هؤلاء كانوا فرساناً محاربين مقاتلين، مما استلزم دائما وجود خيول قريبة منهم وفي متناول يدهم، فقد قاموا باستغلال منطقة المصلى المرواني كمكان لحفظ الخيول، خاصة بعدما قاموا بفتح باب في الجزء الشرقي من الجدار الجنوبي للمسجد الاقصى المبارك ، عرف باسم الباب المفرد، يسمح بدخول وخروج الخيول بسهولة ويسر. واضافة الى ما تقدم، فان وجود مجموعة كبيرة من حلقات فرغت ونحتت في الدعائم الحجرية الحاملة لعقود المصلى المرواني، فقد عزز هذا الرأي الذي يرى باستخدام هذه المنطقة كاسطبل. وعليه، فان استخدام المنطقة كاسطبل للخيول، حدد وظيفتة هذه المنطقة، وحيث ان الفرنجة سموا المنطقة التي تقع فوق التسوية « المصلى المرواني»، على اسم سليمان «معبد سليمان» وهو الاسم الذي اطلق على الجامع الاقصى في عهد الفرنجة فانه من المتوقع ان تسمى المنطقة السفلية ايضا على اسم سليمان، وهكذا يظهر ان المنطقة عرفت باسم اسطبلات سليمان. ولعل ما يؤيد ويدعم هذا التحليل هو عدم شيوع هذه التسمية قبل قدوم الفرنجة.

 

مكانة المصلى المرواني

المصلى المرواني جزء اساسي من المسجد الاقصى المبارك، وهو مبارك ينطبق عليه ما ينطبق على كل اجزاء ومكونات المسجد الاقصى المبارك، وكان ركناً هاماً من عناصر مشروع عبد الملك بن مروان لتأهيل وتطوير المسجد الاقصى المبارك ، ونالت منطقة المصلى المرواني العناية والرعاية في الفترة الفاطمية. ورافق اعادة تأهيل المصلى المرواني حملة شعواء من قبل حفنة من اليمين الاسرائيلي والاجهزة المرتبطة به، وذلك بتنظيم حملة اعلامية تهاجم الاوقاف الاسلامية وتدعى تدمير آثار تعود لفترات سابقة على الاسلام، وهذه لا تسند على ايه حقائق او مكتشفات اثرية ولا قيمة لما يروج من اكتشافات بعد تنخيل التراب لان الاتربة ليست اصلية وليست في تطور طبيعي، بل هي طمم من فترات سابقة، وقد اكتشفت فيها عظام لعدة حيوانات منها الخنزير.

المصلى المرواني
التعليقات..